كيف تأسّست الجمعية المحمدية ؟
يعدّ 8 ذو الحجة 1330 هـ أو 18 نوفمبر 1912 م لحظة مهمة في تأسيس الجمعية المحمدية. وكان ذلك بمثابة تأسيس أكبر جمعيات إسلامية حداثية في إندونيسيا، والّتي كانت رائدة في تنقية فهم الإسلام وتجديده في البلد الّذي أغلبية سكّانه من المسلمين. هذه الجمعية الّتي أسّسها عالم تقي وذكي ومصلح، وهو كياي الحاج (الشيخ) أحمد دحلان من قرية كومان، يوكياكرتا.
إنّ استخدام كلمة “محمدية” لتسمية هذه الجمعية نسبتاً إلى تعاليم وآثار النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم-. هذه التسمية توضيح وتوكيد بأنّ أعضاء هذه الجمعية هم أتباع النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- ، ومبادئ هذه الجمعية هي تعاليم النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم-. وهدف هذه الجمعية هو الدّعوة إلى فهم دين الإسلام وتنفيذه كما علّمه النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- و كيف عمل به قدوتاً لأمّته, لأن يعيشوا المسلمون في هذه الحياة الدنيا على فهم دين الإسلام ويؤدّي إلى تقدّم حياة الأمّة الإسلامية.
تأسيس الجمعية المحمدية
أسّس الشيخ أحمد دحلان الجمعية المحمدية بعد رحلته الثانية لأداء الحج وطلب العلم في مكّة عام 1903 الميلادي. ويعتبر بداية جهود الشيخ في محاولة إصلاح الأمّة. بعد دراسته بين أيدي العلماء الإندونيسيين المقيمين في مكّة المكرّمة منهم الشيخ أحمد خطيب المينانكابوي, والشيخ النواوي البنتاني مع مطالعة كثير من مؤلّفات العلماء ذاك العصر منها مؤلّفات ابن تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد الرضا.
فكرة تأسيس الجمعية المحمدية كمنظّمة لأجل تحقيق أفكار الشيخ أحمد دحلان من نتائج تفاعله مع بعض رؤساء منظّمة “بودي أوتومو” المهتمّين بالقضايا الدينية الّتي تحدّث عنها الشيخ أحمد دحلان, منهم رادين بوديهارجو ورادين سوسروكوندو.
فكرة تأسيس المنظّمة كانت من اقتراحات أحد طلاب الشيخ أحمد دحلان أثناء تدريسه في إحدى المدارس في قرية جيتيس حيث قام الشيخ أحمد بتدريس الدروس الإسلامية في تلك المدرسة. رأى أحد طلّابه بأنّ الأنشطة التعليمية الّتي قام بها الشيح لابدّ أن تُنظّم منهجياً بوجود المنظّمة لأن تستمر بعد وفاة الشيخ.
اقتراح تسمية اسم المنظّمة بالجمعية المحمدية جاء من محمد سانجيدو, وهو صديق وطالب الشيخ أحمد. وأنّه من زعماء مملكة يوكياكرتا آنذاك. فأقرّ الشيخ أحمد تسمية المنظّمة بهذا الاسم بعد استخارته. هذا يعني بأنّ اختيار تأسيس الجمعية المحمدية له علاقة قوية مع روح الإصلاح والثقافة الإسلامية. في بداية الأمر, فكرة تأسيس الجمعية المحمدية لم تكن لتحقيق أفكار الشيخ أحمد دحلان الإصلاحية فقط. ولكن قبل ذلك, تأسيس هذه المنظّمة لأجل تنظيم المدارس الدينية الّتي أسّسها في 1 ديسمبر 1911.
هذه المدرسة هي نتيجة تطوير الأنشطة التعليمية التّي قام بها الشيخ أحمد دحلان لتعليم العلوم الإسلامية للأطفال والشباب يومياً. وكانت هذه الأنشطة التعليمية تقام غير منهجياً. ثمّ طوّرها الشيخ أحمد بزيادة بعض الدروس من العلوم الدينية والعلوم الطبيعية في منزله.
وكانت هذه المدرسة ليس كعادة المدارس الدينية في ذاك الوقت. لأنّ عادة أنشطة المدارس الدينية التعليمية كانت تعقّد في المساجد تقليدياً. فأمّا أنشطة المدرسة الدينية عند الشيخ أحمد دحلان تعقّد في مبنى لوالد الشيخ باستخدام الطاولات والسبورات. وأنّها تعتبر من بدياة تجديد الأنشطة التعليمية الإسلامية ذاك الزمان باندماج تدريس العلوم الدينية والعلوم الطبيعية.
إذاً, في 18 نوفمبر 1912 ميلادية الموافق بـ 8 ذي الحجة 1330 من الهجرة في يوكياكرتا، تمّ تأسيس منظّمة تسمّي بالجمعية المحمدية . وتمّ تقديم تصديق هذه المنظّمة في 20 ديسمبر 1912 بإرسال النّظام الأساسي الأوّل للجمعية المحمدية عام 1912 الميلادي، و تمّ التصديق عليها عند حكومة هولندا في 22 أغسطس 1914 الميلادي. لأنّ ذاك الوقت, لم تزال إندونيسيا تحت سيطرة الاحتلال الهولاندي.
وذكر في هذا النظام الأساسي الأوّل, أنّ التاريخ الرسمي المكتوب هو التاريخ الميلادي، أي 18 نوفمبر 1912، ولم يتضمن التاريخ الهجري. كما مكتوب في الفقرة الأولى من هذا النّظام “تقرر أن تستمر هذه الجمعية 29 سنة، ابتداء من 18 نوفمبر 1912. وكان اسمها “الجمعية المحمدية” ومقرّها في مدينة يوكياكارتا”. ولكن, بعد الاسقلال الإندونيسي عام 1945 الميلادي, انتهى الاحتلال الهولاندي ولم تزال هذه الجمعية باقية إلى اليوم.
فأمّا الفقرة الثانية من هذا النّظام, ذُكر فيها بأنّ من أكبر أهداف الجمعية هو نشر دين النّبي محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بين المستوطنين في يوكياكارتا. ومنذ البداية, مكتوب في هذا النّظام كلمة “التقدّم” كسمة خاصة لهذه الجمعية وتكون كلمة أساسية مكتوبة في النظام الأساسي إلى اليوم.
كان هدف الجمعية المحمدية في بداية التأسيس كما كُتب في النّظام الأساسي لعام 1914 هو : تعزيز وتشجيع التعليم الديني في الهند الهولندية ( تسمية إندونيسيا آنذاك) وتعزيز دين الإسلام كمنهج في الحياة الواقعية.
رأى بعض مؤسّسي الجمعية بإنّ لفظ “التقدّم” في هذا النّظام يحتوي على معنى عميق وواسع. أي أنّه عندما كان المسلمون في أيام تأسيس الجمعية في حالة ضعف وانحطاط بسبب عدم فهم دين الإسلام الصحيح،فقامت الجمعية المحمدية بالدعوة إلى دين الإسلام الصحيح و شجعت العلماء المسلمين بتعليمه بأحسن وأجمل الطرق.
في عام 1946م تمّ كتابة التاريخ الهجري (8 ذو الحجة 1330م) في النّظام الأساسي. كما تمّ العثور على تغييرات مهمة في نظام الجمعية عام 1959 م، وهي أنّه لأوّل مرة كُتب لفظ “المبادئ الإسلامية” في الفقرة الثانية في الفصل الثاني، لتأكيد بأنّ مبادئ هذه الجمعية هي الإسلام.
إن تأسيس الجمعية المحمدية مرتبط بأفكار الشيخ أحمد دحلان الإصلاحية كمؤسس لها، الّذي استطاع أن يجمع بين فهم دين الإسلام وفق القرآن والسنة النبوية مع التوجّه التجديدي بقبول للاجتهاد في التقدّم، وهذا من سمات خاصّة للجمعية منذ بداية تأسيسها. ويكون الشيخ أحمد دحلان، مثلاً للعلماء المصلحين في مسيرة إصلاح الأمة وتجديد فهم الدين، و مثاليًا لإنقاذ المسلمين من التخلّف وبناء الحياة الإسلامية التقدمية.
قام السيخ أحمد بإصلاح الأمّة في جميع جوانب : من العقيدة، والعبادات، والمعاملات إلى منهج حياة المسلمين، بدعوة الرجوع إلى القرآن والسنة النبوية الصحيحة، مع فتح باب الاجتهاد. وأحذ الشيخ أحمد دحلان بعض الأساليب في دعوته في شتى المجالات. مثلاً في مجال التوحيد، بدأ الشيخ بتطهير العقيدة الإسلامية من كل أنواع الشرك، و في مجال العبادات، قام الشيخ بتطهير كيفية العبادات من البدع، وغيرها من محاولات الإصلاح.
إنّ من أبرز الخطوات الإصلاحية التي قام بها الشيخ هي الأنشطة التعليمية الحديثة التي تجمع بين الدروس الدينية والطبيعية. فإنّ فكرة التعليم الّتي ابتكرها الشيخ أحمد دحلان كانت تجديدية لأنّها تمكّنت من دمج جوانب “الإيمان” و “التّقدّم”، مما أدّى إلى ظهور جيل من المسلمين المتعلمين الذين تمكّنوا من العيش في العصر الحديث بالثبوت على شخصياتهم الإسلامية. وكانت المؤسسات التعليمية الإسلامية الحديثة من أبرز السمات الخاصة في بداية تأسيس الجمعية المحمدية إلى تطوّرها، مما تميّز بين هذه الجمعية وبين المؤسّسات التعليمة الإسلامية الأخرى ذاك العصر.
هذه الؤسّسات الحديثة تتطوّر فيما بعد وأصبح أبرز أشكال المؤسسات التعليمية الإسلامية في إندونيسيا، كانت هذه الخطوة في الماضي من أبرز ظواهر المحاولات الإصلاحية الناجحة، واستطاعت أن تنجب جيلاً متقّدماً متثقّفاً من المسلمين.
الشيخ أحمد دحلان أخذ سورة الماعون دليلاً لفكرته الإصلاحية بعد تدبّره العميق لهذه السورة والقيم الصادرة منها ومحاولة العمل بها. رأى الشيخ أنّ الدروس المستفادة من سورة الماعون من أهمّ الأشياء لإصلاح أحوال الأمّة بواسطة الأعمال الخيرية الاجتماعية، والّتي أدّت فيما بعد إلى إنشاء لجنة لمساعدة العامة في الجمعية المحمدية.
رأى الشيخ المؤسّس بأنّ الإسلام ليس مجرد مجموعة من التعاليم حول الشعائر والعبادات والأمور المتعلّقة بين العبد وربّه فقط، ولكن في جانب آخر أنّ الإسلام حلّ لمشاكل النّاس والأمور المتعلّقة بين النّاس.
كما يهتمّ الشيخ أحمد دحلان بمنع المسلمين من أن يرتدّوا عن دينهم بسبب الحركة التنصيرية بطريقة ذكية وجميلة. قام الشيخ بمناقشات ومناظرات مباشرة ومفتوحة مع عدد من الرهبان من أنحاء يوكياكارتا حول أوجه تشابه واختلاف بين القرآن الكريم وكتب الأمّة الأخرى، وشجع الشيخ أحمد المسلمين على دراسة جميع الأديان عقلانياً للكشف عن الحقيقة في تلك الأديان, وسيجدون المسلمون أنّ الإسلام دين الحق بلا تعارض بين النقل والعقل.
وبعد تأسيس الجمعية المحمدية, قام الشيخ المؤسّس بتأسيس الجمعية الأخرى الخاصة للنّساء تابعة للجمعية المحمدية, وهي جمعية عائشية لنساء المحمدية في عام 1917 الميلادي.لأنّ الشيخ يرى أنّ المرأة المسلمة لا ينبغي أن تكون في المنزل فقط، بل يجب أن تكون لهنّ أنشطة خارج المنزل لطلب العلم الشرعي ورفع مستوى حياتهنّ. هذه الخطوة تميّز الشيخ المؤسّس عن العلماء الآخرين ولم يقم بها الأفغاني وعبده وأحمد خان وغيرهم.هذا الموقف يدلّ على رؤية الشيخ المؤسّس الواسعة المتعلّقة بمكانة المرأة ودورها ولو كان الشيخ عالم من كومان ولم يتعرّف بأفكار أو حركات “النسوية” ذاك العصر لأنّ النسوية تتطوّر حاليا.
وقد قدّم الشيخ المؤسّس بالجمعية التي أسّسها دين الإسلام على أنّه نظام الحياة في جميع الجوانب. وهذا يعني أنّ الجمعية المحمدية لا تنظر إلى التعاليم الإسلامية باعتبارها عقيدة وعبادة فحسب، ولكن يشتمل إلي الأخلاق والمعاملات الدنياوية أيضاً.
وما عدا ذلك، فإنّ جوانب العقيدة والعبادات يجب أن تتحقق أيضًا في الأخلاق والمعاملات، حتىّ يظهر الإسلام بأنّه الدين الحق في واقع حياة أتباعه. ولذلك بدأت الجمعية المحمدية أعمالها بتعليم دين الإسلام والدعوة إليه وتطبيقه في واقع الحياة. رأي الشيخ أنّ المسلمين لابدّ يتديّن صحيحاً دون أن يتخلّفوا في حياتهم الدنياوية. ولذلك، لابدّ بتعلّم وتعليم دين الإسلام صحيحاً بالنقل والعقل.
وفي فهم القرآن، على وجه الخصوص في طرق تعليم سورة الماعون، علّم الشيخ المؤسّس أنّ دراسة القرآن آية آية أو آيتين أو ثلاث، ثم بالقراءة ثمّ الاستماع إليه والتدبّر بالسؤال إلى النفس: “كيف ذلك؟” كيف هو تفسير هذه الأية؟ ماذا يعني ذالك؟ فهل هذا حرام ؟ وهل بعدت عن هذا الحرام ؟ فهل هذا أمر يجب تنفيذه؟ هل قمنا بتنفيذها؟. فإنّ هذا من أساليب طرق فهم القرآن الّتي تم تطويره مؤخرًا على يد الشيخ ماس منصور، وهو من علماء الجمعية المحمدية معروف بمعرفته الدينية العميقة، وهو خريج جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة.
إنّ تأسيس الجمعية المحمدية لها آثار بالغة بأفكار الشيخ المؤسّس التجديدية وتكون أسساً لبناء هذه المنظّمة خاصتاً وتؤثّر إلى حياة المسلمين والمجتمع الإندونيسي عموماً.
و هناك بعض الدوافع التي أدّت إلى تأسيس الجمعية المحمدية, من أكبرها :
عدم التزام المسلمين بهدي القرآن والسنة النبوية،
الّتي تؤدّى إلى انتشار الشرك والبدع والخرافات في المجتمع ويسبّب إلى عدم عزّة المسلمين بين المجتمع، وعدم الوحدة والنزاهة بين المسلمين، نتيجة عدم وجود الأخوّة الإسلامية.
فشل بعض المؤسسات التعليمية الإسلامية في إنتاج الكوادر الإسلامية،
لأنّها لم تعد قادرة على تلبية متطلبات العصر؛ يعيش معظم المسلمين في ضيق وعدم الوعي مع ذلك ظهر الحركة التنصيرية في إندونيسيا.
ويمكن استنتاج أنّ تأسيس الجمعية المحمدية كان للأسباب والأهداف التالية:
(1) تنقية فهم الإسلام من التأثيرات والعادات غير الإسلامية؛
(2) تجديد فهم دين الإسلام بالقبول إلى نظرة الفكر الحديث؛
(3) تجديد أنشطة التعليم الإسلامي, و
(4) الدفاع عن الإسلام من التأثيرات والهجمات الخارجية
ولو كان ما ألّف الشيخ المؤسّس كتاباً جمع فيه كلّ أفكاره التّجديدية, كان جميع أفكار الشيخ تُرى في جهود الجمعية المحمّدية اليوم. رأى جامس بيكوك الأمريكي, وهو عالم الأنثروبولوجيا الّذي قام بالبحث العلمي في عام 1970 الميلادي عن ظاهرة الجمعية المحمدية في إندونيسيا.
وقال أنّ تأسيس الجمعية المحمّدية في هذا البلد له تأثير كبير جدًّا, وقال أنّ في نصف القرن منذ تطوّر حركات تجديدية إسلامية في جنوب شرق آسيا, أنّ تلك الحركات نشأت بأشكال مختلفة في كثير من الأماكن. ولكن في إندونيسيا, هذه الحركات تطوّرت بشكل أكبر ومرتّب. في أوّل القرن العشرين, هناك مجموعات صغيرة لحركات تجديدية الّتي تنضمّ إلى عدّة حركات محليّة وتكون حركة وطنية قويّة بعد ذلك, وهذه هي الجمعية المحمّدية. بمئات الفروع الّتي تنتشر في جميع الجزر وملايين الأعضاء في كلّ أنحاء البلد, تكون الجمعية المحمّدية هي أكبر المؤسّسات الإسلامية في جنوب شرق آسيا.
فالجمعية المحمّدية كمؤسّسة الّتي تدعو إلى دين الإسلام, تقوم بجهود كثيرة وكبيرة في شتّى المجالات ومنها خدمة المجتمع و التربية والتعليم. قيام الجمعية ببناء المستشفيات وملاجئ الأيتام, وآلاف من المدارس والمعاهد والجامعات يجعل هذه الجمعية كأفضل مؤسّسات دينية غير النصرانية في إندونيسيا. والجمعية العائشية الّتي هي من إحدى جمعيات تابعة للجمعية المحمّدية ربّما من أكبر منظّمات المسلمات في العالم. وأخيراً, الجمعية المحمديّة هي أكبر وأفضل الجمعيات في خامس أكبر دول العالم.
من الواضح أنّ في تأسيس الجمعية المحمّدية لها سبب ديني في كونها كدعوة تجديدية وفي نفس الوقت, لها سبب اجتماعي في كونها حلاًّ في أحوال ومشاكل المجتمع الإندونسيي حين أيام تأسيسها. لقد قام الشيخ أحمد دحلان بدعوة الإسلام الخالص المجرّد من الشركيات والبدع بمذهب التجديد الّذي يدعو النّاس لأن يتديّن بالدّين الصحيح رحمة للعالمين. فالإسلام عند الشيخ المؤسّس ليس بمجرّد الرجوع إلى القرآن والسّنة الصحيحة فحسب. ولكن أن يجعل الإسلام قوتاً في تحويل أحوال حياة النّاس من الـتأخّر إلى التّقدّم.
من ظواهر جديدة الّتي تظهر من تأسيس الجمعية المحمّدية أنّ الدعوة التجديدية الإسلامية الّتي تدعو إلى الإسلام الصحيح ليست تبدأ بعمل فردي, ولكنّها تبدأ وتتطوّر بمؤسّسة منظّمة. من المفهوم أنّ في ذاك الوقت مازالوا المسلمون يقومون بالدعوة الإسلامية بمؤسّسات تقليدية كمدرسة إسلامية صغيرة وشيخها أميراً لها. فشيخ المدرسة له أتباع لابدّ أن يطيعوه طوعاً وكرهاً. فوجود المنظّمات الإسلامية من الظواهر الجديدة المعاصرة في بداية القرن العشرين الميلادي. واتّخذها الشيخ المؤسّس من أفضل الوسائل لدعوته إلى الإسلام.
ويرى الشيخ المؤسّس أنّ تأسيس الجمعية ليس بمجرّد كوسيلةٍ فقط. ولكن هناك قاعدة فقهية تدلّ على وجوب تأسيس المنظّمة لدعوة الإسلام. وهي قاعدة “ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب”. فدعوة الإسلام واجبة وتأسيس منظّمة لأجلها واجب كذلك. خاصة في إندونيسيا, الّتي من عادات مجتمعها التعاون بين الناس. فالتّعاون هو من سمات وصفات الشعب الإندونيسيين منذ القدم. والّذي يظهر أنّ من أنشطة كلّ منظّمة لابدّ أن يكون هناك التعاون والتسامح فيها. فالدّعوة بمنظّمة جائز شرعي.
وكان دليل تأسيس الجمعية المحمديّة كمنظّمة إسلامية موجوداً في القرآن الكريم في أية 104 من سورة آل عمران الّذي أمر الله أن ينظّم مجموعة من النّاس الّذين يقومون بدعوة النّاس إلى الإسلام آمرين بالمعروف ناهين بالمنكر. فالجمعية المحمدّية قائمة بدعوة إلى الإسلام كمنهج الحياة ولا يقتصر في العلوم الشرعية فحسب.
فدين الإسلام الصحيح كما قال الشيخ المؤسّس أنّ الإسلام هو الدين الّذي لا يُفهم جزئيًّا فقط ولكن لابدّ بإظهار دين الإسلام لأن يكون دافع إلى تحويل أحوال النّاس بدعوتهم إلى ارتفاع مستوى الحياة وتحرير النّاس من كلّ منكرات. فيكون الإسلام دين إصلاحي وتجديدي وله تأثير حقيقي في كثير من نواحي حياة النّاس.
© 2024 Persyarikatan Muhammadiyah