مقدمة
الجمعية المحمدية هي أكبر المنظّمات الإسلامية الحداثية في إندونيسيا وأقدمها و موجودة إلى اليوم. ولها 30 الرئاسة البلدية الاستثنائية أنحاء العالم للخدمات الإنسانية ولنشر السلام العالمي والعدالة الاجتماعية. ومن المتوقع أن يتراوح عدد أعضاء الجمعية المحمدية من 30 إلى 40 مليون شخص ينتمون إلى خلفيات مهنية وعرقية واجتماعية وثقافية مختلفة.
في مدّة أكثير من القرن، كانت الجمعية المحمدية معروفة بأنّها منظّمة اجتماعية دينية نجحت في كثير من مجالات التعليم والصحة والعمل الخيري والتمكين الاجتماعي. أنشأت الجمعية المحمدية كثير من المؤسسات التعليمية في كلّ مراحل دراسية مع تأسيس كثير من المستشفيات والعيادات والخدمات الصحية؛ وتنفيذ التمكين الاجتماعي والاقتصادي المنتشر في جميع أنحاء إندونيسيا للمجتمعات الحضرية والريفية والداخلية والنائية والمناطق الجزرية ومجتمعات السكان الأصليين، وكذلك في المناطق المعرضة للكوارث.
كانت الجمعية المحمدية أوّل منظّمة إسلامية محلية تقوم بتجديد و تحديث نظام التعليم في المؤسّسات التعليمة مع إدارة الشؤون الدينية، وكانت رائدة في حركة النّسائية المسلمة.
وهدف تأسيس الجمعية المحمدية هو تحقيق المجتمع الإسلامي الحقيقي. مع ذلك، فإنّ التأثير المفيد لهذه الجمعية أن يصل أيضًا إلى مختلف الأفراد والمجتمعات من مختلف الخلفيات الدينية والعرقية، وذلك متوافق مع رسالة الإسلام كرحمة للعالمين.
الفهم الديني والأيديولوجية التي تتبناها الجمعية المحمدية هي الدعوة والتجديد والإسلام التقدمي الذي له وجهة نظر وسطية. الدعوة الإسلامية بنشر السلام والخير والتجديد هو طابع تكيفي للفكر الإسلامي يتناغم دائمًا مع التطورات في العلوم والتكنولوجيا، والإسلام التقدمي هو طابع البصيرة والممارسة الدينية على الطراز المحمدي.
تاريخ تأسيس الجمعية المحمدية
أسّست الجمعية المحمدية في 8 ذو الحجة 1330 هـ الموافق بـ 18 نوفمبر 1912 م في قرية كومان (Kauman) بمدينة يوجياكرتا (Yogyakarta). بدأ تأسيس هذه الجمعية بمدرسة شعبية تسمى المدرسة الابتدائية الدينية الإسلامية أسّسها الشيخ أحمد دحلان في بداية عام 1912م . بدأت هذه المدرسة في غرفة الضيوف لمنزل الشيخ أحمد دحلان وطولها 6 أمتارٍ وعرضها 2.5 متراً، وتحتوي على ثلاث طاولات وثلاثة كراسي طويلة واللوحة وعدد طلابها تسعة أشخاص. هذه المدرسة أسست على يد الشيخ المؤسّس دون أي مساعدة وتبرعات مالية من الآخرين. وبذل الشيخ المؤسّس جهوده بأمواله لتأسيس المؤسسة التعليمية الإسلامية الحديثة التي أرادها.
مع مرور الوقت, عند المناقشة مع طلابه في مدرسة المعلمين بجتيس (Kweek School Jetis) أراد الشيخ أحمد دحلان لتأسيس منظمةٍ لأن تستمرّ مدرسته بها وتسمّى هذه المنظمة بالجمعية المحمدية بالتفاؤل أن يتمكن أعضاؤها من الاقتداء بالنّبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
بعد التأسيس, بناء على اللوائح من الحكومة الهولندية (كان تأسيس الجمعية في أيام الاحتلال الهولندي) تمّ تسجيل طلاب الشيخ المؤسّس ليكونوا مؤسّسي هذه الجمعية مع النظام الأساسي لها ثم تقديم طلب تصريح التأسيس من الحكومة الهولندية بتاريخ التأسيس المكتوب في النظام الأساسي 18 نوفمبر 1912. بعد عملية التقديم الطويلة جاء القرار من حكومة جزر الهندية الهولندية (تسمية إندونيسيا آنذاك) في 22 أغسطس 1914 م . وتمّ تصديق هذه الجمعية كأساس قانوني من قبل حكومة جزر الهند الشرقية الهولندية.
في بداية تأسيسها حدّد القرار من حكومة جزر الهند الشرقية الهولندية مجالات الجمعية المحمدية وخدماتها. وفي مؤتمر منظّمة “بودي أوتومو” (Boedi Oetomo ) في عام 1917م ، ذكر الشيخ المؤسس، أنّ خدمات هذه المنظمة لا تختصر في يوجياكرتا فقط ولكن أيضًا في جميع أنحاء جزيرة جاوة حتى في سومطرة (Sumatera) وسولاويسي (Sulawesi) وكاليمانتان (Kalimantan) وفي أماكن مختلفة من الأرخبيل.
بعد الحصول على موافقة من حكومة جزر الهند الشرقية الهولندية لتوسيع مجالات الخدمات قام الشيخ المؤسس بتوسيع مجالاته ويلقي محاضرات في كثير من الأماكن المختلفة ويدعو المسلمين إلى ممارسة الإسلام مع تحريرهم من الملل والجهل ويتوجه نحو العمل الصالح.
سيرة مختصرة عن الشيخ المؤسس
وُلد الشيخ أحمد دحلان, مؤسس الجمعية المحمدية في قرية كومان بيوجياكرتا في شهر أغسطس 1869 الميلادي باسم محمد درويش. كان أبوه, الشيخ أبو بكر إماماً وخطيباً في مسجد كومان الأكبر فأمّا أمّه سيدتي أمينة بنت الشيخ إبراهيم، بنت أحد القضاة في مملكة يوجياكرتا (Kraton Ngayogyakarta) آنذاك.
في أيام شبابه, تعلّم أحمد دحلان على أيدي عديد من العلماء والفقهاء . تعلّم الفقه والعلوم الإسلامية الأخرى بين أيد الشيخ محمد صالح، و فقه اللغة (أي : علم النحو والصرف) مع الشيخ محمد محسن, وعلم الفلك مع الشيخ دحلان ابن محفوظ الترماسي وعلوم الحديث الشريف مع الشيخ محفوظ الترماسي و الشيخ خياط, وعلوم القراءة مع الشيخ أمين والشيخ سيد بكري. وكان الشيخ أحمد دحلان درس عديداً من العلوم الأخرى منها اللغة الجاوية والماليزية من السيد سوسروسوغوندو(Sosrosugondo), عضو جمعية “بودي أوتومو” ومترجم النظام الأساسي للجمعية المحمدية إلى اللغة الماليزية والهولندية . وأخذ الشيخ عدة العلوم الأخرى مع السيد ويدانا جييووسيوويو(ًWedana Djiwosewoyo) والشيخ جامل جامبيك(Djamil DJambek).
تزوّج الشيخ أحمد دحلان بسيدتي وليدة بنت الشيخ فاضل عام 1889 م,. ثم شاركت زوجته في تأسيس أوّل منظمة نسائية مسلمة حداثية في إندونيسيا، وهي الجمعية العائشية لنساء المحمدية في 27 رجب 1335 هـ الموافق ب 19 مايو 1917م .هذه الجمعية هي منتدى المسلمات لتطوير إمكانياتهنّ في عدّة المجالات منها التعليم وخدمة الصحة وغيرها كما أنّها وسيلة الدعوة للمسلمات للجمعية المحمدية.
كان الشيخ أحمد دحلان قدوة لأعضاء الجمعية المحمدية. حتى ذُكر في قصّة أنّ في يوم من الأيام, كانت مدرسته في الحاجة الماسة إلى المساعدة المالية لرواتب معلّميها وتلبية الاحتياجات التشغيلية لها. ثمّ باع الشيخ أحمد دحلان عدّة أثاثاته في منزله. فتأثّروا النّاس بما فعل الشيخ المؤسّس ثم اشتروها بأسعار مرتفعة وما أخذوها. وبلغ الأموال التي تم جمعها إلى 4000 جولدن الهولندي (عملة إندونيسية آنذاك) وهذا المبلغ أكثر من الهدف الّذي أراده الشيخ المؤسّس و يكفي لرواتب المعلمين والاحتياجات المدرسية الأخرى .
في السنوات الأخيرة قبل وفاته، ترك الشيخ المؤسّس كثيراً من الأعمال الصالحة الجارية مع عديد من المشروعات الخيرية منها تأسيس جمعية “حزب الوطن” للكشافة المحمدية عام 1918م ، وأنشأ قسم مساعدة الحجاج وبدأ ببناء أوّل مسجد خاص للنساء في جزر الهند الشرقية الهولندية، و بنى مسجداً صغيراً في مالانج (Malang) عام 1923 م قبل وفاته.
تعاليم سورة الماعون
ترى الجمعية المحمدية أنّ المذاهب الدينية التي تطوّرت كثيراً وتناسب وفقا للتطورات المعاصرة ولتلبية الاحتياجات الحديثة يمكن أن تكون تلك المذاهب أساساً مهماً في محاولة التّغيير الاجتماعي المتأثّر.
في نهاية درس سورة الماعون, سأل أحد الطلاب الشيخ أحمد دحلان “لماذا درسنا هذه السورة مراراً وتكراراً كلّ يوم ؟”. ثمّ أجاب الشيخ سائلاً لجميع طلابه “من منكم قام بتطبيع تعاليم سورة الماعون هذا اليوم ؟”. ولا أحد يُجيب سؤال الشيخ. ثمّ أمر الشيخ المؤسّس بجمع الأطعمة ثمّ وزّعوها للفقراء والمساكين حول قرية كومان تطبيقاً لما أمر الله في سورة الماعون.
هذه القصّة أصبحت بداية مفهوم “تعاليم سورة الماعون” وكانت دليلاً أساسياً في خدمة تمكين المجتمع, والخدمات الأخرى. مثل بناء العيادات وملاجئ الأيتام وحركة “مساعدة المعانة العامة” (Penolong Kesengsaraan Oemoem).
الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فلسفة الجمعية المحمدية هي الحركة الإسلامية بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتجديد. والدعوة الإسلامية عند هذه الجمعية هي واجب لكلّ مسلم لنشر هذا الدين ليكون رحمة للعالمين. إذاً على كلّ من أعضاء الجمعية المحمدية القيام بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بروح التجديد والإصلاح. فإنّ هذه الدعوة ليس بالمجرّد تبليغ التعاليم الإسلامية ولكن مع دراسة الإسلام بالكامل وفق تطوّر العلوم الأخرى لأن يكون هذا الدين حلاً للمشاكل الموجدة اليوم.
وسطية الإسلام التقدمي
إيديولوجيا الجمعية المحمدية هي الإسلام التقدّمي بوجهة نظر الواسطية. وهذا منذ بداية تأسيسها كما أكّدها الشيخ المؤسّس أحمد دحلان أنّ الإسلام دين الحضارة لأنّه دين يحتوي على قيم تقدمية لتنوير حياة النّاس لبناء الحضارة الإنسانية.
ويمكن خلاصة القول إنّ معنى “الإسلام التقدمي” هو أنّ مفهوم التعاليم الإسلامية عند الجمعية المحمدية لا تكتفي بنجاحها في دعوة الإسلام من حيث العقيدة والعبادات والأخلاق. ولكن مع إجراء الإصلاحات في المعاملات الدنيوية التي لها تأثير واسع في الحياة.
دليل وأصل مصطلح “الإسلام التقدمي” هو الآيتين 104 و 110 من سورة آل عمران وأية 143 من سورة البقرة من أدلّة تأسيس الجمعية المحمدية. الأمر والتفسير من هذه الآيات الثلاثة يشير إلى أن يصبح المسلمون خير أمة الذين لديهم مكانة ودور “أمة وسطا” أي الأمّة المعتدلة والوسطية ولديهم دور كبير في التغيير التاريخي.
معنى وسطية الإسلام تعني أنّ لو تنوّعت المذاهب والآراء والحركات الإسلامية إلا أنّ الجمعية المحمدية لا تريد أن تنفي بعضها بعضا. و لا بدّ بالمعاملة مع الاختلافات في المذاهب الإسلامية بالأخوة والتّسامح لأجل تقدّم الأمة الإسلامية. و الأخوّة الإسلامية تنتج الاحترام بين الأطراف للاختلافات في الخصائص والآراء الإسلامية عند كلّ منظمة إسلامية. إنّ إيديولوجيا “الإسلام التقدمي” ترشد أعضاء الجمعية المحمدية إلى القيام بتحقيق تقدّم الشّعب والأمة في جميع مجالات الحياة بطريقة منتجة ومستمرة.
Discussion about this post