بقلم: الشيخ بشرى مقدّس (رئيس الجمعية المحمدية)
الجمعية المحمدية هي منظمة اجتماعية معروفة بأنها تمارس الحكم الحديث منذ القدم إلى حتى يومنا هذا. وتشمل هذه الحوكمة الحديثة عملية جمع موارد المجتمع والاستفادة منها في بناء القدرة الاجتماعية على الصمود، وتحويل القيم الأخلاقية الدينية في سياق التغيير الاجتماعي ذو أثر واسع النطاق.
في رأيي، لقد قلت في مناسبات مختلفة أنه من أجل تطوير الإدارة الحالية لتعزيز خدمات الجمعية المحمدية والنهوض بها، فإن الأمر سيعتمد في المستقبل على ثلاثة أشياء وهي :
الأوّل، تكثيف البحث والتطوير والتقييم الموثوق والمتعدد التخصصات بنظرة تنبؤية لدعم صياغة التوجهات والخطوات والقرارات والبرامج وإدارة المنظمة؛
الثاني, تعزيز الرئاسة المركزية للجمعية المحمدية وتقديرها ودعمها على مختلف المستويات، من فروع وبلدية ومن محلية إلى إقليمية بحيث لا تتمحور أو تعتمد فقط على المركز؛
الثالث، التوجيه والتدريب لدعم تكوين الصلابة في جميع كيانات الموارد البشرية في الجمعية المحمدية، بما في ذلك الشركاء والمتعاطفين والجماعة والكوادر والأعضاء.
هل من الممكن وكيفية تنسيق هذه الأمور الثلاثة في طريقة تنظيمية قابلة للتنفيذ ولها تأثير إيجابي على التقدم الكمي والنوعي للمنظمة ؟ لهذا السؤال في الحاجة إلى الإجابة.
الحوكمة الحديثة ومرونة المجتمع
تُعرف الجمعية المحمدية بالفعل بأنها حركة أو منظمة إسلامية حديثة. علاوة على ذلك، من المفهوم بشكل متبادل أنّ الجمعية المحمدية تلتزم بمبادئ الإسلام التقدمي، مما يعني أن هذه المنظمة ستدار بطريقة الجدارة والمهنية وقابلة للقياس، ونأمل أن تستمر في الحفاظ على مبادئ الإدارة الجماعية.
وبطبيعة الحال، فإن نجاح الجمعية المحمدية في إدارة الأصول والموارد يدفعها إلى وعي قادتها وأعضائها وكوادرها للحفاظ على ثقتها. تم التبرع بسهولة بالهكتارات من الأراضي من قبل الأشخاص المتعاطفين مع كفاح الجمعية المحمدية ويثق عشرات إلى مئات الآلاف من الأشخاص بالمؤسسات التعليمية والصحية والاجتماعية التي تديرها الجمعية المحمدية. وكل هذه عوامل تدعم نجاح الجمعية المحمدية.
عدا عن ذلك فإن الجمعية المحمدية تلعب دورًا كبيراً في تحويل القيم الأخلاقية الدينية إلى الحياة الاجتماعية. وتشمل هذه القيم الصدق والعدالة والاهتمام بالآخرين وروح التعاون المتبادل.
وفي تنفيذها، لا تقوم الجمعية المحمدية بتعليم هذه القيم نظريًا فقط بل تحاول أيضًا تحقيقها حقيقياً من خلال الأنشطة الاجتماعية المختلفة ذات التأثيرات الواسعة، مثل بناء المدارس والمستشفيات والمؤسسات الاجتماعية الأخرى. إن هذا الحكم الرشيد لم يساعد الجمعية المحمدية على البقاء فحسب، بل ساعدها أيضًا على الاستمرار في التطور والتكيف مع الزمن المتغير.
تحديات القرن الثاني: إدارة المشاكل
وعلى الرغم من أن الجمعية المحمدية قد حققت إنجازات مختلفة، داخليًا وخارجيًا، فقد قيل على نطاق واسع أن هذه المنظمة يجب أن تطور خطوات ملموسة إلى الأمام لمواجهة تحديات القرن الثاني.أحد هذه التحديات هو إعداد وتسهيل ودعم تكوين قيادة محلية قوية ومثالية تتمتع بالنزاهة والمهنية والصلابة والقدرة على الاستجابة للتحديات القائمة بشكل إبداعي، وتكون مستقلة في حل المشكلات.
تلعب الرئاسة المحلية لهذه الجمعية دورا رئيسيا في الحفاظ على استدامة وأهمية الجمعية التي تستمر في التوسع وتصبح أكثر رسوخا. هناك حاجة إلى قيادة محلية قوية لمواجهة التحديات القائمة، مثل المشاكل القانونية والسياسية والثقافية المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي سيكون لها في نهاية المطاف تأثير على الفقر والتقزم والظروف المختلفة التي تضعف الحضارة.
البحوث العلمية تدعم المشروعات الخيرية
ولهذا السبب، فإن نوعية قيادة الجمعية التي لم تعد قابلة للتفاوض هي وجهة نظرها في الاستفادة من الأنشطة البحثية عالية الجودة، وعدم الوقوع في مشاكل النظام المعرفي النيوليبرالي كما هو قائم حاليا. (إن مدى ضعف قدرة الجامعات في إندونيسيا على تقدير ودعم محاضريها ليصبحوا باحثين موثوقين هو مثال على هذا ). ويكاد يكون الصمت في رؤية مراجعة قانون لجنة القضاء على الفساد، ومشروع القانون الجامع، وجميع أشكال التدهور للحياة الديمقراطية.
وفي سياق الجمعية المحمدية، يجب على هذه المنظمة أن تزيد من أهميتها من خلال استخدام البحوث للمساعدة في حل المشاكل الموجودة على قدر الإمكان. سواء في مجالات الزراعة والغذاء والصناعات الصغيرة والمتوسطة، ومنع الفساد في البيروقراطية، والتكنولوجيا الوسطى لتوفير الطاقة النظيفة، وما إلى ذلك.
في الوقت الحاضر، تحتاج الجمعية المحمدية إلى وضع البحث بشكل منهجي ومبني في وضع السياسات بالعدل وبإظهار صفات قيادية مثالية في العالم الإسلامي المليء حاليًا بالاضطرابات والتخلف. وسيكون هذا هو الأساس المهم لتعزيز القيادة في الجمعية المحمدية تنظيمياً.
رسم خرائط الموارد البشرية في الجمعية المحمدية
وتمشيا مع تعزيز قيادة الجمعية المحمدية على مختلف المستويات، يجب أن يستمر تحديث عملية تكوين الكادر وتطوير التجمعات الصلبة والإبداعية والديناميكية والمنتجة. هذا مع الأخذ في الاعتبار أن هيكل الموظفين المشاركين في الجمعية المحمدية بشكل متزايد.
في الماضي لم يكن هناك سوى القادة والأعضاء والكوادر والناشطين. الآن، كل عنصر له تنوعه الخاص. الرؤساء, على سبيل المثال، ليسوا فقط قادة الشركة، بل هم أيضًا رؤساء المشروعات الخيرية وهناك من يطلق عليهم كبار المديرين ومن يطلق عليهم المديرين المتوسطين.
وكذلك مع الأعضاء. هناك من يُطلق عليهم أعضاء بمعنى جميع الأشخاص المسجلين ولديهم البطاقة العضوية وهناك أعضاء الجمعيات المستقلّة، أو أعضاء فخريون.
هناك أيضًا المزيد في فئات الناشطين، ليس فقط عبر المهن أو أشكال الدعم أو المشاركة في الجمعية المحمدية، ولكن أيضًا من الجوانب العرقية والعنصرية والدينية.
توضح الأمثلة أعلاه عدد الأشخاص الذين يدعمون الجمعية المحمدية ويعتمدون عليها ويثقون بها ولديهم أنشطة معها. إنجاز اجتماعي وأخلاقي رائد منذ قرن من الزمان. وينتقل من فترة إلى فترة، ومن قيادة إلى قيادة. ويجب على جميع الكوادر والجماعة وجميع عناصر الموارد البشرية في هذه الجمعية أن يستمروا في زيادة قدراتهم وأن يحصلوا على الدعم التنموي الكافي.
رابعاً، إن مستقبل الجمعية المحمدية في تحديات القرن الثاني هو مزيج من إعداد قيادة محلية قوية تتمتع بالنزاهة وكيان موارد بشرية تقدمي ومنتج ومبدع.
يجب أن تكون القيادة المحلية القوية متوازنة مع تكوين كوادر قوية ومبدعة وديناميكية ومنتجة وعملية تطوير الجماعة. يعد تكوين الكادر عملية مهمة للغاية في الحفاظ على الاستمرارية التنظيمية، لأنّه من خلال تكوين الكادر تستطيع الجمعية المحمدية إعداد الجيل القادم المستعدّ لإقبال القيادة.
مزيج من القيادة التقدمية والموارد البشرية
إن تحديات الجمعية المحمدية الحالية والمستقبلية في مواجهة تحديات القرن الثاني هي مزيج من إعداد قيادات في مختلف المستويات لتكون مثالية ومستقلة ومتكاملة، وتطوير جميع كيانات الموارد البشرية (الأعضاء، الكوادر والجماعة والناشطين) . سيكون هذا المزيج هو المفتاح لنجاح الجمعية المحمدية في الحفاظ على أهميتها واستدامتها وسط ديناميكيات الزمن المتغير.
وعلى الجمعية المحمدية أن تستمر في سعيها لتعزيز قاعدتها القيادية على كافة المستويات. إن القيادة المثالية والمستقلة والنزيهة ستكون قادرة على توجيه الجمعية المحمدية لمواصلة المساهمة في تنمية الأمة والشعب. وفي نفس الوقت فإن التطوير التدريجي والإنتاجي والإبداعي للموارد البشرية سيدعم إدارة الجمعية المحمدية كمنظمة مبتكرة ومتكيفة في مواجهة التحديات المختلفة في المستقبل. وهكذا، فإن الجمع بين القيادة الجيدة والموارد البشرية المتفوقة سيصبح أساسًا متينًا لهذه الجمعية للانتقال إلى مستقبل أكثر إشراقًا وأكثر أملاً. ولن تبقى الجمعية المحمدية ذات أهمية فحسب، بل ستظل رائدة في تحويل القيم الدينية إلى حياة اجتماعية أفضل وأكثر عدلا.
Discussion about this post