ماكاسار- من خلال دورة الإفتاء الوطنية الأولى للمناطق الإندونيسية الشرقية التي عقدها مجلس الإفتاء والتجديد للجمعية المحمدية يوم الخميس (29\5) في الجامعة المحمدية بمكاسار تحدّث أمين مجلس الإفتاء محمد رفيق مذكر حول قضية النقد والانفتاح في مطالعة كتب التراث الإسلامية.
قال رفيق أنّ هذه الكتب من الحضارة الإسلامية الثمينة ذات الأثار في وسط الأمة. وهناك أربع سمات في صحة قبول كتب التراث كمصادر علمية.
أولاً, ثمينة كاملة في شتى المجالات العلمية ونجحت في بناء الحضارة العالمية في عدّة القرون.
ثانياً, أصيلة, حيث صدرت من التاريخ الإسلامي و نمت مع مسيرة الأمة الإسلامية ووفّرت المعلومات عن أحوال الأمة الإسلامية عبر التاريخ.
ثالثاً, أنّها رمز للهيبة العلمية لدي الأمة الإسلامية كمصدر للعلوم الإسلامية التي تراث عبر العصور.
قال “سنجد كثيراً أقوال العلماء القدماء وهذا من مصادرنا العلمية في دراسة العلوم الإسلامية”.
رابعاً, أنّها قدوة في التيارات العلمية والبحث العلمي التكاملي وتعدد التخصصات حيث لا يكتفي الباحث بإتقان مجال واحد بل ينسج تخصصات مختلفة في إطار
فكري متكامل.
ولكن كيف نتفاعل مع التراث حتى يبقى ذا صلة بالعصر الحديث؟ يقدم رفيق أربعة مبادئ.
أولاً، موقف انتقائي. قال رفيق: “يجب أن نكون منفتحين على مختلف وجهات النظر. بما في ذلك أعمال علماء من مختلف المذاهب الفكرية”. هذا الموقف الانتقائي يدعو إلى تنوع الفكر دون الوقوع في فخ التعصب المذهبي.
ثانياً، موقف نقدي. فلا ينبغي قبول كتب التراث الفكري دون دراسة. فأفكار العلماء على الرغم من عظمتها لا تزال أعمالاً بشرية لا تخلو من الأخطاء. وكثيراً ما تتأثر أفكارهم بالسياقات السياسية والاجتماعية أو سياقات السلطة في عصرهم.
قال رفيق “النقد لا يعني عدم الاحترام بل يُظهر استعدادنا لمحاورة التراث مع واقع اليوم”.
ثالثاً، تجنب الميل والانتماء إلى مناهج ما بعد الحداثة. ليست الآثارُ أثرًا واحدًا موحدًا بل هي فسيفساءٌ من الأفكارِ الغنيةِ بالاختلافات. ومع ذلك يجبُ قراءةُ هذا التنوعِ ضمنَ الحدودِ المعياريةِ للشريعة.
على سبيل المثال لا يُمكن قبول رأي ابنِ سينا في جوازِ شرب الخمر لمجرد تعارضه مع الشريعة الإسلامية.
رابعًا، التكاملُ مع المعرفةِ الحديثة. يجبُ أن تكونَ الآثارُ جسرًا يربطُ بينَ حكمةِ الماضي وتحدياتِ الحاضر مُنشئةً توليفةً تُثري الفكرَ الإسلاميَّ المعاصر.
بهذا النهج لم تعد كتب التراث مجرد أثرٍ تاريخيٍّ مُهمَل بل هي مصدرُ العلوم الحية. إنها تدعوا الأمة إلى الغوصِ في غنى الإسلامِ الفكريِّ بعيونٍ مفتوحةٍ وعقل ناقدٍ وروحٍ تكاملية.
Discussion about this post