ماكاسار- من خلال دورة الإفتاء الوطنية الأولى للمناطق الإندونيسية الشرقية التي عقدها مجلس الإفتاء والتجديد للجمعية المحمدية يوم الجمعة (30\5) في الجامعة المحمدية بمكاسار تحدّث رئيس مجلس الإفتاء والتجديد للجمعية المحمدية في مكاسار عباس باجو ميرا أنّ للجمعية ثلاث مناهج أساسية في فهم الحديث الشريف.
أولاً, نقد المتن والسند
تُعدّ هذا المنهج أولى خطوات في فهم الحديث وهي منهجٌ مُتجذّر في تراث العلماء القدماء. ولكنه مُثرى بالفكر النقدي. ويُعنى نقد السند بدراسة سلسلة نقل الحديث لضمان صحته. أخذت الجمعية المحمدية بكتب رجال الحديث مثل تهذيب الكمال وميزان الاعتدال لتقييم جودة الرواة بناءً على نزاهتهم وكفاءتهم.
كما تُتحقق من استمرارية السند لضمان خلوه من العيوب كالمنقطع أو المُرسَل أو المُعلّق. وتُرفض الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة رفضًا قاطعًا في التطبيق.
في نفس الوقت يُركز نقد المتن على محتوى الحديث. ترفض الجمعية المحمدية الأحاديث التي تُخالف القرآن الكريم أو الفطرة السليمة أو مبدأ العدالة. على سبيل المثال تُحذف الأحاديث التي تحتوي على عناصر من البدع أو الخرافات.
حتى لو اعتُبر السند صحيحًا فسيتم رفض المتن غير المنطقي أو المخالف للقرآن. تضمن هذه العملية أن تكون فتوى الجمعية المحمدية الرسمي أو قرارها مبنيًا على الأحاديث المقبولة بحيث تكون الممارسات الدينية خالية من التحريف.
ثانياً, المنهج الموضوعي
بالإضافة إلى نقد السند والمتن تنهج الجمعية المحمدية منهجًا موضوعيًا لفهم الحديث كلياً. يجمع هذا المنهج أحاديث مختلفة ذات صلة بموضوع واحد ثم يُحللها بعمق للوصول إلى فهم شامل. يهدف المنهج الموضوعي إلى تجنب التفسيرات الجزئية التي غالبًا ما تؤدي إلى سوء فهم للتعاليم الإسلامية.
ومن أمثلة تطبيق هذا المنهج موقف الجمعية المحمدية في قضية التسامح بين الطوائف الدينية. من خلال دراسة الأحاديث المختلفة حول العلاقات مع غير المسلمين صاغت الجمعية المحمدية رؤية متوازنة وهي راسخة في الإيمان منفتحة في المعاملة.
وبالمثل في فهم دور المرأة لا تركز الجمعية المحمدية على الأحاديث المعيارية فحسب. بل أيضًا على الأحاديث التي تُظهر مساهمة المرأة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والفكرية. وفي مجال المعاملة يُمكّن النهج الموضوعي للجمعية المحمدية في صياغة الفتاوى المتناسبة مع سياق المجتمع الحديث دون أن تُفقد جوهر التعاليم الإسلامية.
تكمن ميزة هذا النهج الموضوعي في تعمقه وارتباطه بالسياق. فمن خلال تحليل الأحاديث تحليلًا شاملًا تتجنب الجمعية المحمدية التناقضات بين الأحاديث أو بينها وبين القرآن الكريم.
كما يُمكّن هذا النهج المسلمين من فهم التعاليم الدينية ذات الصلة بتحديات العصر مثل قضايا العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين والديناميكيات الاجتماعية.
ثالثاً, منهج مقاصد الشريعة
هذا المنهج الثالث يؤكّد على أهمية مقاصد الشريعة كالخير والعدل والإنسانية.
لا ترى الجمعية المحمدية الحديث من خلال صحة السند والمتن فحسب. بل أيضًا من خلال حكمة الشريعة ومقاصدها. يُتيح هذا المنهج مجالًا للتفسير المرن
مع الحفاظ على القيم المعيارية للإسلام.
ومن أمثلة تطبيق مقاصد الشريعة فهم حديث تعدد الزوجات. فرغم أن تعدد الزوجات ليس مرفوضًا في الشريعة الإسلامية إلاّ أنّ الجمعية المحمدية تُؤكد على العدالة كغاية رئيسية للشريعة. وفي السياق المعاصر، يرى مجلس الإفتاء أنّ الزواج الأحادي أكثر انسجامًا مع مبدأ العدالة.
ترى الجمعية المحمدية الأحاديث في العقاب البدني للأطفال أو الزوجات وترفض بهذه شرعية العنف في السياق الحالي لمراعاة مقاصد الشريعة التي تُعلي من كرامة الإنسان. فيما يتعلق بمسألة قيادة المرأة تُولي الجمعية المحمدية الأولوية لاستقرار القيادة وعدالتها مُراعيةً للقدرات الفردية والسياقات الاجتماعية لا الجنس فقط.
فتُظهر هذه المناهج الثلاث كيف تُوازن الجمعية المحمدية بين الأخذ بالمصادر عن كتب التراث والحساسية لديناميكيات العصر.