من أهم قرارات الاجتماع الوطني الاجتماع الوطني الثاني والثلاثين لمجلس الإفتاء والتجديد للجمعية المحمدية في 13-15 شعبان 1445 من الهجرة الموافق بـ23-25 فبراير 2024 الميلادي في الجامعة المحمدية ببيكاجانجات بيكالونجان (Pekajangan Pekalongan) تطوير دليل الحساب الفلكي عند الجمعية المحمدية في التقويم الهجري العالمي الأحادي. هذا الدليل رمز لالتزام الجمعية المحمدية في تطوير أنظمة الحساب الفلكي العلمية الدقيقة وقابلية التطبيق عالميًا وفي حين واحد.
فأخذت الرئاسة المركزية للجمعية المحمدية قراراً عن تنفيذ تطوير دليل الحساب الفلكي للجمعية المحمدية في التقويم الهجري العالمي الأحادي منذ 1 محرّم 1447 من الهجرة الموافق بـ26 يونيو 2025 الميلادي. وقد أُنيط بمجلس الإفتاء والتجديد مسؤولية نشر هذا الدليل وتوجيه أعضاء الجمعية المحمدية وكافة شرائح المجتمع في تطبيقه.
يُعدّ التقويم الهجري العالمي الأحادي مسعىً من الجمعية المحمدية لبناء نظام تقويم هجري عالمي علمي وموحّد يُمكن أن يستخدمه المسلمون في جميع أنحاء العالم متزامنة. والغاية من ذلك تجاوز الخلافات المزمنة في تحديد بدايات الشهور الهجرية كرمضان وعيدَي الفطر والأضحى والتي لطالما سببت افتراقاً داخل البلدان وحتّى بين الجماعات في البلد الواحد. كما يهدف هذا التقويم إلى تعزيز وحدة الأمة الإسلامية من خلال تقويم دقيق متزامن وقابل للمساءلة علميًا وشرعيًا.
يُعتبر التقويم الهجري العالمي الأحاجي تطوّرًا في بنية التقويم الهجري كإحدى الركائز الحضارية للإسلام في ظل واقع المسلمين المعولم. فهو يسعى لحل مشكلات تتعلق بتوحيد الوقت ودقة التواريخ والتكامل الزمني العالمي للمسلمين في أداء شعائرهم.
قد ظهر التقويم الهجري العالمي من المنهج العلمي الصادر من حضارة المسلمين. فقد كان لعلماء الإسلام منذ العصور الوسطى إسهامات عظيمة في تطوير علم الفلك والحساب. فقد صحح البتاني (858–929 م) بيانات بطليموس وألّف جداول فلكية أثّرت في أوروبا بينما كتب البيروني (973–1048 م) عن قياس الوقت والفصول وحركة الأجرام السماوية بمنهج تجريبي. وأسس نصير الدين الطوسي (1201–1274 م) مرصد مراغة وابتكر نماذج لحركة الكواكب ألهمت كوبرنيكوس لاحقًا.
قام العلماء المسلمون منهم البتاني والبيروني ونصير الدين الطوسي بتطوير أساليب الحساب بدقة عالية منذ العصور الوسطى. ولكن تطبيق هذه الطريقة غير عالميًا أبدًا بسبب الاختلافات في المرجعية الدينية والقول بأن الرؤية (أي : رؤية العين المباشرة إلى الهلال ) هي أصح شرعاً عند بعض المذاهب الفكرية. من هنا يُفهم أنّ هذا التقويم المبني على الحساب الفلكي كامتداد لروح العلم في تاريخ المسلمين. وأنها جهد مستمر من العلماء المسلمين الرائدين في علم الفلك.
كما شكّك البعض في إمكانية توحيد بداية الشهر الهجري على مستوى العالم وهو اعتراض مفهوم. لكن التطور العلمي الحالي يُمكّننا من تحديد مواقع الشمس والقمر بدقة متناهية حتى في حدود جزء من الألف من الثانية ويمكن مواءمة التقويم الهجري العالمي الأحادي زمنيًا مع التوقيت العالمي المنسق (Universal Time Coordinated).
ورغم توفر الإمكانات التقنية، فإن التطبيق العالمي لهذا التقويم يتطلب تفعيل مسارات دبلوماسية بين العلماء والدول والمؤسسات الإسلامية المختلفة إلى جانب رفع وعي الأمة بأهمية الوحدة الرمزية في العبادات.