جميع الآيات والأحاديث المتعلقة بالتقويم تحتوي على دلالة الإشارة.
من القرآن الكريم
قوله تعالى :
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا. (الإسراء : 12).
قوله تعالى :
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ .لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ. (يس : 39-40).
قوله تعالى :
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ. (البقرة : 189).
تتضمن هذه الآيات على عدة الأموروهي كالتالي : (1) أن التقويم الإسلامي هو التقويم القمري (2) يشير لفظ “للناس” إلى أنّ التقويم الإسلامي عالمي النطاق.كما يبيّن هذا اللفظ عمومية التقويم وشموليته لجميع البشر على وجه الأرض. ومن ثم يمكن تفسير هذه الآية على أنها الأساس لنوع التقويم الإسلامي العالمي اللازم اختياره.
وفضلاً عن ذلك، فإنّ هذه الآيات تحتوي على إشارة إلى الهدف الديني للتقويم الإسلامي الذي يمثّله ويعكّسه لفظ “الحج”. علاوة على ذلك، أكّد الحديث على أنّ من أعظم عبادات في الحج الوقوف بعرفة ومن ناحية أخرى يسن للمسلمين غير الحجاج صوم يوم عرفة. وحتى يقع يوم عرفة وهو تاسع ذي الحجة في نفس اليوم في جميع أنحاء الأرض، فلا سبيل إلى ذلك إلاّ بتطبيق التقويم الهجري العالمي الأحادي.
قوله تعالى :
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. (يونس : 5).
قوله تعالى :
اِنَّ عِدَّةَ الشُّهُوْرِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِيْ كِتٰبِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَالْاَرْضَ مِنْهَآ اَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۗ ذٰلِكَ الدِّيْنُ الْقَيِّمُ ۙ فَلَا تَظْلِمُوْا فِيْهِنَّ اَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِيْنَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُوْنَكُمْ كَآفَّةً ۗ وَاعْلَمُوْآ اَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِيْنَ . اِنَّمَا النَّسِيْءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا يُحِلُّوْنَه عَامًا وَّيُحَرِّمُوْنَه عَامًا لِّيُوَاطِـُٔوْا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوْا مَا حَرَّمَ اللهُ ۗ زُيِّنَ لَهُمْ سُوْءُ اَعْمَالِهِمْۗ وَاللهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكٰفِرِيْنَ . (التوبة 36-37).
قوله تعالى :
الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ. (الرحمن : 5).
أكّدت أية 36 من سورة التوبة أنّ التقويم يتكون من 12 شهراً منها أربعة أشهر حرم وهذا هو الدين القيم. ثم تؤكد الآية 37 على أن النسيئ أي تأخير الشهر يزيد الكفر.هاتان الآيتان تعلمان تقويماً جيداً للمسلمين. يتكون التقويم من 12 شهرًا وفقًا للاتفاقيات الدولية؛ منها 4 أشهر الحرم (الاتفاقيات الوطنية أو الإقليمية العربية). وتعاليم هذا التقويم هي جزء من الدين القيم وقد أمر الله المسلمون باتباع الدين القيم في أية 43 من سورة الروم.
أُمر المسلمون باتباع الدين الحنيف أي تحرّي الاستقامة كما ورد في قوله تعالى في أية 30 من سورة الروم. فالاستقامة لزوم المنهج المستقيم. فالمراد بالصراط المستقيم في سورة الفاتحة هو السبيل نحو النعمة والحالة الحسنة.
قامت الجمعية المحمدية بقبول التقويم الهجري العالمي الأحادي لممارسة الدين القيم لتحقيق الحالة الحسنة للناس في التقويم. توفر هذه الحالة اليقين ويمكن استخدامها كتقويم للمعاملات وهذا بالطبع يخضع للتعديلات.
في السابق في تقويم الدين القيم هناك قبول لحساب السنة المكونة من 12 شهرًا كاتفاقية دولية. أما الآن فقد أصبح قبول التقويم الجيد المثالي وفقًا للمعايير الدولية عالميًا (أي يوم واحد وتاريخ واحد في جميع أنحاء العالم محدد وطويل الأمد) وهناك قبول للأشهر الحرم الأربعة التي أصبحت عرفًا في المنطقة العربية وقت نزول القرآن. والدين القيم عند ابن قتيبة هو الحساب الصحيح والأعداد المصطفى وعند الكلبي هو القضاء الحق المستقيم أي القرار الصحيح المستقيم. فالتقويم الهجري العالمي الأحادي يحقق معنى الدين القيم عند ابن قتيبة والكلبي.
كما تؤكد أية 37 من سورة التوبة على أنّ النّسيء أو التأجيل زيادة في الكفر. وعند ابن عباس المعنى المراد بالنّسيء في هذه الآية هو تأخير السنة بما يزيد على أحد عشر يوماً حتى يكون شهر المحرم في شهر صفر. وعند مجاهد أنّ معنى النّسيء هو تأجيل الحج كل سنتين وهما الحج في شهر ذو الحجة سنتين ثم الحج في شهر المحرم سنتين ثم الحج في شهر صفر سنتين والحج في شهر ذي القيدة سنتين. فالتقويم الهجري العالمي الأحادي ليس فيه أّي تغيير بحسب كلا المعنيين أعلاه وبحسب أي معنى جديد قد يمكن أن ينم وبذلك يضمن عدم وجود زيادة في الكفر. وجاء شرح الأشهر الحرم في حديث أبي بكرة كالتالي :
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ (رَوَاهُ البُخَارِيُّ).
الأحاديث النبوية
إن اعتماد التقويم الهجري العالمي مبني على الأحاديث النبوية ومن أصول الأدلة ما رواه الإمام البخاري عن ابن عمر:
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ (رَوَاهُ البُخَارِيُّ) .
وفي حديث :
أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ (رَوَاهُ البُخَارِيُّ) .
وفي حديث :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ (رَوَاهُ التِرْمِذِيُّ) .
ووجه الاستدلال بهذا الحديث الأخير الانتباه إلى “واو الجماعة” الواردة في الأفعال المذكورة فيه وهي ضمير الخطاب بصيغة الجمع والتي تعني جميع المسلمين في أي مكان على وجه الأرض. وفي الحديث أمر بصيام رمضان والإفطار والتضحية كل في نفس اليوم في جميع أنحاء العالم. وهذا تماما مثل صلاة الجمعة القائمة في نفس اليوم في جميع أنحاء العالم وهو يوم الجمعة. وبهذه الطريقة، يجب أن يكون نظام التقويم عالميًا موحدّاً.
وفي أصول الفقه إنّ ضمير الخطاب في الحديث السابق يأتي بصيغة الجمع والجماعة تدل على العموم فهذا الحديث ينص على أن الصيام يبدأ في يوم يصوم فيه جميع المسلمين.كما يقام عيد الفطر وعيد الأضحى في الأيام التي يحتفل بها جميع المسلمين في الكرة الأرضية. وهذا يعني أنّ كلا من العبادات الثلاث يؤديها المسلمون في وقت واحد وفي نفس اليوم. كان الشيخ أحمد محمد شاكر من علماء الحديث والشارح لسنن الترمذي هو أول من رأى أنّ هذا الحديث دليل على أنّ التقويم الإسلامي هو التقويم الموحّد حيث تبدأ بداية كل شهر في وقت واحد في جميع أنحاء العالم دون مراعاة لاختلاف المطالع.
المسلمون اليوم لم يعودوا أمة أمية لأنّهم يحسنون بالفعل الكتابة والحساب. وبالإضافة إلى ذلك، فإن القرآن يشير إلى استخدام الحساب في تحديد الأشهر القمرية، وليس بالرؤية . إنّ وجود التقويم الإسلامي الدقيق الخالي من الإقحام (Intercalation) جزء من مقاصد الشريعة. وقد ذُكر في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم وهي في أية 40 من سورة يوسف وفي أية 5 من سورة البينة وفي أية 36-37 من وسورة التوبة.
كما قال الله تعالى :
مَا تَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِه اِلَّآ اَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوْهَآ اَنْتُمْ وَاٰبَآؤُكُمْ مَّآ اَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطٰنٍۗ اِنِ الْحُكْمُ اِلَّا لِلهِ ۗاَمَرَ اَلَّا تَعْبُدُوْٓا اِلَّآ اِيَّاهُ ۗ ذٰلِكَ الدِّيْنُ الْقَيِّمُ وَلٰكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُوْنَ. (يوسف : 40).
وفي قوله تعالى :
وَمَآ اُمِرُوْٓا اِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِيْنَ لَهُ الدِّيْنَ ۙ حُنَفَآءَ وَيُقِيْمُوا الصَّلٰوةَ وَيُؤْتُوا الزَّكٰوةَ وَذٰلِكَ دِيْنُ الْقَيِّمَةِۗ. (البينة :5).
وفي قوله تعالى :
إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِى كِتَٰبِ ٱللهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَٰتِلُوا ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَٰتِلُونَكُمْ كَآفَّةً ۚ وَٱعْلَمُوٓا أَنَّ ٱللهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ .إِنَّمَا ٱلنَّسِىٓءُ زِيَادَةٌ فِى ٱلْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ يُحِلُّونَهُۥ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُۥ عَامًا لِّيُوَاطِـُٔوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ ٱللهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوٓءُ أَعْمَٰلِهِمْ ۗ وَٱللهُ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْكَٰفِرِينَ. (التوبة 36-37).
تؤكد هذه الآيات الثلاث على حقيقة الدين القيم. إن حقية الدين القيم وفقًا لهذه الآيات هو (أ) توحيد الله (ب) وإقامة الصلاة (ج) وإيتاء الزكاة (د) واتباع التقويم الدقيق بعدد 12 شهرًا دون فاصل. من خلال هذه الآيات يتبين أن التقويم الإسلامي الدقيق الخالي من الإقحام هو جزء من مقاصد الشريعة التي يجب تحقيقها.
Discussion about this post