تتشكل أطوار القمر دون أن تتوقف على دوران الأرض حول محورها . حتى لو افترضنا توقف دوران الأرض مع استمرار دوران القمر حولها فستظل أطوار القمر في التشكل. لذا فإن مراحل القمر هي في الواقع ظاهرة فلكية عالمية. وفي نفس الوقت تعتبر إمكانية رؤية الهلال من الظواهر الفلكية المحلية نتيجة دوران الأرض حول نفسها. من الجدير بالذكر أنّ رؤية الهلال إنما تمكن عندما يتواجد القمر (بما في ذلك الهلال) فوق الأفق. وفوق ذلك فإن مفهوم رؤية الهلال يتم تضييقه بإبعاد هلال الفجر المتزايد كبرا في الأفق الشرقي في الصباح والذي لا يعترف بأنه هلال لأنه غير مرئي [في المساء لكونه أصغر].
دل الدليل الشرعي المستخلص من أية 39 من سورة يس والمبادئ العلمية على أنّ المرحلة القمرية النهائية (أي المنزلة الأخيرة) تنتهي عند حدوث الاقتران. وفي الناحية العلمية الاقتران هو نقطة الصفر التي لا أبعاد لها. ويستلزم هذا ضمنا أنه من الناحية النظرية حتى ولو بعد ثانية واحدة من الاقتران يكون الهلال قد ولد بالفعل على الرغم من أنه ليس بالضرورة مرئيًا. ونتيجة لذلك فإن المراحل القمرية من الظواهرالعالمية. لذلك على الرغم من أن القمر الجديد يقع تحت الأفق فإنه في الواقع يزداد كبرا لأن القمر يستمر في الدوران حول الأرض.
يرتبط مقدار التغير في أطوار القمر ارتباطًا وثيقًا بالتغيرات في الاستطالة (Elongation) (ويمكن حسابه ببساطة) نتيجة الفرق في السرعة الزاوية للشمس والقمر عنما يدوران ظاهريا حول الأرض (عندما تدور الأرض حقيقيا حول نفسه). تبلغ السرعة الزاوية الظاهرية للشمس حوالي 15 درجة في الساعة بينما تبلغ السرعة الزاوية الظاهرية للقمر حوالي 14.5 درجة في الساعة . و إلى نتيجة هذا الفارق في السرعة الزاوية يشير قوله تعالى في أية 40 من سورة يس أنه ” لَا الشَّمْسُ يَنْۢبَغِيْ لَهَآ اَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ” أثناء تكوين “العرجون القديم”. وبعبارة أخرى، فإن لحظة الاقتران التي تنهي المنزلة النهائية هي الأخرى تنهي الدورة السينودية للقمر. ويدل على هذه الحالة تمكن الشمس من إدراك القمر، ويكون هذا النير عند هذه النقطة في أصغر أطواره طول مدة دورته الاقترانية (السينودية) الواحدة.
ولزم من هذا أنه بعد حدوث الاقتران، سيزداد طور القمر مرة أخرى لأنه دخل إلى المنزلة الأولى من دورته الاقترانية التالية. هذه هي المرحلة الأولى عندما يتكون الهلال الجديد. من الجدير بالذكر أنّ طور القمر يستمر في النمو من ثانية إلى أخرى لمجرد نتيجة لدوران القمر حول الأرض. لا يهم ما إذا كان القمر الجديد فوق الأفق أو تحته كما لا ولا يهم ما إذا كان الهلال الجديد مرئيًا أم غير مرئي.
يوضح الشكل 1 التالي صورة بيانية لتطور المراحل المتزايدة للقمر في جاكرتا على الرغم من أنه يقع تحت الأفق المحلي. في حوالي الساعة الثانية صباحًا (انظر الشخص البني اللون في الصورة)، أصبح الهلال في أفق جاكرتا أكبر مما كان عليه في المغرب (قبل حوالي 8 ساعات). ويرجع ذلك إلى زيادة الاستطالة بحوالي 8 ساعات يضاعف 0.5 درجة في الساعة، أو حوالي 4 درجات. وفي نفس الوقت يبلغ ارتفاع القمر الجديد حوالي -100 درجة مقاسًا مقابل الأفق الغربي لجاكرتا (محليًا). وفي الوقت نفسه، في نفس الثانية في مكان ما في أوروبا يحين المغرب (انظر الشخص الأخضر اللون في الصورة).
وكان ارتفاع القمر الجديد في أوروبا في ذلك الوقت أعلى بنحو 4 درجات من ارتفاع القمر الجديد عند الغروب في جاكرتا. وهذا في الواقع نتيجة للاستطالة الأكبر بسبب تأخر غروب الشمس في أوروبا بحوالي 8 ساعات عن غروبها في جاكرتا. المشكلة هي أن هذا الهلال الجديد يعتبر هلالا في أوروبا لأنه مرئي (ارتفاعه أكبر من 4 درجات) ولكن نفس الجسم السماوي في نفس اللحظة لا يعتبر هلالا في جاكرتا لأنه تحت الأفق وغير مرئي. وهذا يتعارض تمامًا مع الفطرة السليمة والمنطق الأكاديمي.
وبالتالي الشكل 2 يوضح هلال القمر وهو يكبر بالنسبة لأفق جاكرتا المحلي حوالي الساعة الثامنة0 صباحًا (انظر الشخص باللون البني في الصورة). في هذا الوقت يكون الهلال في جاكرتا كبيرًا جدًا لأن استطالته أكبر والتي تبلغ حوالي 0.5 درجة في الساعة مضروبة في 14 ساعة أو حوالي 7 درجات أكبر مما عند غروب الشمس في جاكرتا.
وفي نفس اللحظة في نقطة ما في القارة الأمريكية تغرب الشمس. بالنظر إلى الاستطالة الأكبر فإن ارتفاع الهلال في أمريكا لا يقل عن 7 درجات فوق الأفق المحلي. المشكلة هي أن الهلال الكبير جدًا في أمريكا يعتبر هلالاً. ومع ذلك، لا يعتبر نفس الشيء في نفس اللحظة على أنه هلال في جاكرتا. في حوالي الساعة الثامنة صباحا في جاكرتا تستحيل رؤية الهلال لأن شدة ضوءه أقل من شدة ضوء الشمس.وهذا يتعارض تمامًا مع الفطرة السليمة والمنطق الأكاديمي.
فيفيد هذا الشرح أنّ ارتفاع الهلال ليس مناسباً كمقياس للإشارة إلى أن الهلال أصبح كبيراً جدًا مادياً. بل بداية الشهر الهجري صحيحة لو كان ارتفاع الهلال سلبياً عند غروب الشمس لأن الهلال ينمو ويزداد رغم تواجده تحت الأفق. كما يفيد سبب كون ارتفاع الهلال في المنطقة الأرضية الغربية دائمًا أكبر منه في المنطقة الأرضية الشرقية، وهذا نتيجة للاستطالة التي تزداد مع مرور الوقت.
Discussion about this post